السبت، 8 فبراير 2020

مَهْرُ الـمَرْأَةِ


مَهْرُ الـمَرْأَةِ

قال الله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]
قال الإمام الطبري -رحمه الله-: (يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورَهُنَّ عَطيّةً واجبةً، وفريضةً لازمةً).
فمن حُسن رعاية الإسلام للمرأة واحترامه لها، أن أعطاها حقها في التملك، إذ كانت في الجاهلية مهضومة الحق مَهِيضَةَ الجناح، حتى إن وَلِيَّها كان يتصرف في خالص مالها، لا يدع لها فرصة التملك، ولا يُـمَكِّنها من التصرف، فرفع الإسلام عنها هذا الإصر، وفرض لها المهر، وجعله حقاً على الرجل لها، وليس لأبيها، ولا لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئا منه إلا في حال الرضا والاختيار.
• تعريف المهر:
المهر في اللغة: الصَّداق، وَالْجَمْعُ مُهور؛ وَقَدْ مَهَرَ المرأَة يَمْهَرُها ويَمْهُرُها مَهْراً وأَمهرها. [لسان العرب، مادة: مهر].
وفي الاصطلاح: ما يُـجعل للمرأة في عقد النكاح أو بعده مما يباح شرعا من المال معجلا أو مؤجلا. [معجم لغة الفقهاء (ص436)].
أسماء المهر:
للمهر تسعة أسماء: الصَّدَاق، والصَّدُقَة، والـمَهْر، والنِّحْلة، والفريضة، والأَجْر، والعَلائِق، والعُقْر، والـحِبَاء. [المغني لابن قدامة (10/97)].
• الحِكمة من تشريع المهر:
الحكمة من تشريع المهر: إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة، كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.

•أكثر المهر وأقله:
لا حَدَّ لأقل المهر، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أُجرة صح أن يكون مهراً؛ لِـمَا رُوي من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ»، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: «أَعْطِهَا ثَوْبًا»، قَالَ: لاَ أَجِدُ، قَالَ: «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَالَ: «مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟» قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» [أخرجه البخاري (5029) ومسلم (1425)].
قال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-: (يجوز أن يكون المهر يسيراً جداً للعجز؛ لقوله: "ولو خاتما من حديد"، ويصح أن يكون الصداق منفعة، كتعليم قرآن، أو فقه، أو أدب، أو صنعة، أو غير ذلك من المنافع) [تيسير العلَّام شرح عمدة الأحكام (2/788)]
ولا حدَّ لأكثره بالإجماع [المغني 10/100]؛ قال الإمام القرطبي -رحمه الله-: (قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء 20]. دليلٌ على جواز الـمُغالاة في المهور) [الجامع لأحكام القرآن (5/66)].
•استحباب تقليل المهر:
يُستحب عدم المغالاة في المهر؛ لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِن يُـمْنِ المرأةِ تسهيلُ أمرِها وقلَّةُ صداقِها» قال عروةُ بن الزبير: وأنا أقولُ مِن عندي: ومِن شؤمِها تعسيرُ أمرِها وكثرةُ صداقِها. [أخرجه ابن حبان (4095)، والحاكم (2/ 181) وصححه على شرط مسلم].

•حكم تسمية المهر في العقد:
يُسَنُّ تسميةُ الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يـُخْلِ نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دَفْعاً للخصومة والنِّزاع بين الزوجين. [المغني (10/98)].
فإن لم يُسَمَّ المهرُ في العقد؛ فلها مهر مثلها؛ ومهر المثل هو: المهر الذي تستحقه المرأة، مثل مهر من يماثلها وقت العقد في: السن، والجمال، والمال، والعقل، والدين، والبكارة، والثيوبة، والبلد، وكل ما يختلف لأجله الصداق. [فقه السنة (2/210)].
•تعجيل المهر وتأجيله:
قال الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله-: "الصداق المؤجل جائز ولا بأس به، فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس، ولكن يحل إن كان قد عَيَّنَ له أجلاً معلوماً، فيحل بهذا الأجل، وإن لم يؤجل فيحل بالفُرقة: بطلاق، أو فسخ، أو موت، ويكون دَيْنًا على الزوج يُطالَب به بعد حلول أجله في الحياة ، وبعد الممات كسائر الديون". [مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13/1368)].

هناك تعليق واحد: