الاثنين، 5 أغسطس 2019

أحكامُ الدَّيْن


أحكامُ الدَّيْن

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْن إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله-: (هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها، ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها، وأضبط للشاهد فيها).
جاءت الشريعة الإسلامية بالتيسير على العباد؛ فمن الناس مَن يحتاج الاستدانة من غيره، أو يتعذر عليه أداء حقوق العباد أو حق الله عز وجل في وقته، فجعلت الشريعة للدَيْن أحكاماً يلتزم بها المسلم.
•تعريف الدَّيْن:
الدَّيْن: لُزُومُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ.
فيشمل المال والحقوق غير المالية كصلاة فائتة وزكاة وصيام وغير ذلك، كما يشمل ما ثبت بسبب قرض أو بيع أو إجارة أو إتلاف أو جناية أو غير ذلك.
• ينقسم الدَّينُ إلى قسمين:
1-دَيْنٌ لله تعالى: كالكفارات والنذور والحج الواجب وقضاء الفوائت وصيام ما أفطر من رمضان.
2-دَيْنٌ للعبد: كدَيْن القرض ودَيْن ثمن المبيع.
•الحث على المسارعة في قضاء الديون وبيان خطورة تأخيرها:
حثت الشريعة على المسارعة في قضاء الديون سواء كانت لله أو لعباده، ما دام الإنسان قادراً على القضاء؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي: الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ». [أخرجه أحمد (2867) وحسنة الألباني في صحيح الجامع (2957)].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دَيْنارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» [أخرجه البخاري (2449)]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْن». [أخرجه مسلم (1886)].
•الديون لا تسقط بالتوبة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "أجمعَ المسلمون أنه لا يسقط حقوق العباد كالدَّيْن ونحوِ ذلك، ولا يَسقُط ما وجب عليه من صلاةٍ، وزكاةٍ، وصيامٍ، وحق المقتول عليه، وإن حجَّ، والصلاة التي يَجبُ عليه قضاؤُها: يَجبُ قضاؤُها، وإن حَج، وهذا كلُّه باتفاق العلماء". [جامع المسائل (4/123)]
•كيفية قضاء الديون المالية عن الميت:
إن ترك الميت مالاً وعليه دينٌ لله أو للعباد فإن هذه الديون تؤخذ من التركة وتُسَدَّد، قبل الوصية -إن كان قد أوصى- وقبل قسمة الميراث بين الورثة.
وإن لم يترك الميت مالاً وعليه ديون، فهل يجب على الورثة أداؤها؟
قال -رحمه الله- أيضاً: (هل يلزم الوارثَ أن يقضي الدَّيْن عنه؟ لا يلزم، حتى لو كان الميت أباه أو ابنَه أو أخاه الأكبر، لكن إذا كان من باب التبرع فباب التبرع واسع). [الشرح الممتع (11/201)].
•كيفية قضاء العبادات البدنية عن الميت:
لا يجوز قضاء العبادات البدنية عن الميت إلا في ما دلَّ عليه الدليل فقط، قال الشيخ ابن باز-رحمه الله-: (الصلاة عن الميت لا تجوز، وليس لذلك أصل، وإنما جاء ذلك في الصيام والحج وقضاء الدَّيْن والصدقة والدعاء، أما الصلاة عنه فلا أصل لها) [مجموع فتاوى ابن باز 13/280].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق