الثلاثاء، 21 يناير 2020

شرح البيقونية (3) الحديث الصحيح1


الحديث الصحيح
3 - أوَّلُها الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصل ... إسْنَادُهُ وَلَمْ يَشُذَّ أَوْ يُعَلْ
4 - يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِه ... مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِه
(أولها) أي: أول الأقسام التي سيذكرها هو: الحديث الصحيح لذاته، الـمُجمع على صحته.
ثم عرّفه فقال: (وهْوَ مَا اتَّصل ... إسْنَادُهُ، وَلَمْ يَشُذَّ، أَوْ يُعَلْ، ... يَرْوِيهِ عَدْلٌ، ضَابِطٌ، عَنْ مِثْلِه)
وتفصيلها كالتالي:
1-اتصال السند: هو الحديث الذي اتصل سنده من أوله إلى آخره، وأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله بوجه من وجوه التحمل الصحيح[1] عن شيخه.
2- الحديث الشاذ: أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الثقات، أو يخالف مَن هو أوثق منه.
3-العِلة: عبارة عن سبب غامض خفي قادح في الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه[2].
4- العدالة: هي ملكة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب ما يخل بالمروءة عند الناس.
والعدل: هو المسلم البالغ العاقل، السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة.
والمروة: آداب نفسانية تحمل صاحبها على فعل ما يُجمله وترك ما يشينه أمام الناس.
5- الضبط: أن يكون الراوي موصوفاً باليقظة وعدم الغفلة، وبالحفظ إن حدث من حفظه، والإتقان إن حدث من كتابه، مع الدراية بالمعنى إن روى الحديث بغير لفظه.
فذكر خمسة شروط للحديث الصحيح، قال ابن حجر في نخبة الفِكَر: "وَخَبَرُ الْآحَادِ: بِنَقْلِ عَدْلٍ، تَامِّ الضَّبْطِ، مُتَّصِلِ السَّنَدِ، غَيْرِ مُعَلَّلٍ وَلَا شَاذٍّ: هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ".
مثال الحديث الصحيح لذاته، حديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه قال:
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ بَايَعْنَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لِي "يَا سَلَمَةُ أَلَا تُبَايِعُ؟!" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُ فِي الْأَوَّلِ. قَالَ: "وَفِي الثَّانِي"[3].



هذا الحديث من ثلاثيات الإمام البخاري[4]؛ أي: بين البخاري وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة رواة فقط، كل راوٍ حدث الحديث لمن دونه، ورجال الإسناد هم:
1- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي مولاهم، أبو عبد الله بن أبى الحسن البخاري الحافظ صاحب الكتاب الصحيح "صحيح البخاري"، قال عنه ابن حجر في "تقريب التهذيب": جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث.
وقال عنه الذهبي في "الكاشف": الإمام صاحب "الصحيح" وكان إماما حافظا حجة رأسا في الفقه والحديث، مجتهدا، من أفراد العلم مع الدين والورع والتأله.
2-أبو عاصم النبيل، الضحاك بن مخلد، قال ابن حجر: ثقة ثبت.
3- يزيد بن أبي عُبَيْد، أبو خالد الأسلمي، مولى سلمة بن الأكوع، قال ابن حجر: ثقة.
4- سلمة بن الأكوع، صحابي جليل، والصحابة كلهم ثقات، بتعديل الله لهم.
فهذا الحديث اجتمعت فيه شروط الحديث الخمسة السابق ذكرها، فهو حديث صحيح لذاته.



[1] سيأتي تفصيل طرق التحمل والأداء.
[2] فإن كان قدحا ظاهرا فليست علة في الاصطلاح -وقد يطلقون على ذلك اسم العلة توسعا-، وأيضا لا بد من أن تكون قادحة، فبعض العلل لا تقدح في الحديث ولا تؤثر في صحته؛ كحديث يعلى بن عبيد الطنافسي، أحد رجال الصحيح عن سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث «البيعان بالخيار»، غلط يعلى على سفيان في قوله: عمرو بن دينار، إنما هو عبد الله بن دينار، هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان، والحديث في الصحيحين، وعمرو وعبدالله كلاهما ثقتان.
وانظر: "فتح المغيث 2/ 54"
[3] صحيح البخاري (7208)
[4] السند الثلاثي: هو أن يكون بين الراوي وبين المروي عنه الكلام ثلاثة رواه، والمقصود هنا بينه وبين النبي، وللبخاري فى صحيحه أسانيد رباعية وخماسية وسداسية، أما أعلى سند موجود فى الكتب التسعة فهو فى الموطأ؛ ففيه سند ثنائى، يقول الإمام مالك: حدثنى نافع عن ابن عمر عن النبى - صلى الله عليه وسلم -، أما أطول سند وقع فى كتب السنة، هو السند العشاري، وهذا عند النسائي. " تحبير الوريقات بشرح الثلاثيات".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق