السبت، 27 يوليو 2019

المال الحرام .. تعريفه وكيفية التخلص منه


 المال الحرام .. تعريفه وكيفية التخلص منه



يعذب البعضَ ضميرُه بسبب أموالٍ اكتسبها بطريقة غير مشروعة، فيعيش في عذابٍ نفسي لا يتعذب به إلا هو، ولعذاب الآخرة أكبر، إلا أن يتداركه الله برحمته.
والبعض الآخر قلوبهم قاسية ميتة، لا يؤنبه ضميره ولا ينظر فيما كسبت يمينه، فهذه قلوبٌ لا تذيبها إلا نار جهنم!

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ» [أخرجه أحمد (14441) وقال الألباني: "وهذا إسناد جيد على شرط مسلم"، السلسلة الصحيحة (6/214)].

والسُّحت: الحرام، وهذا وعيد شديد لمن أكل الحرام، والانتفاع به كذلك، سواء كان الانتفاع في الملبس أو المركب أو غير ذلك، كله داخلٌ في الوعيد، إلا أنَّ ذِكْرَ الأكلَ خرج مخرج الغالب، فيجب على المسلم التخلص من المال الحرام وعدم الانتفاع به.


• تعريف المال الحرام:

هو كل ما حرَّم الشرعُ كسبَه والانتفاع به.


• أقسام المال الحرام:

ينقسم المال الحرام إلى قسمين:

1-حرامٌ لذاته: وهو ما حرَّمه الشرع لسبب قائم في عين المحرم، كالخمر والخنزير والميتة والدم والأصنام.

2-حرامٌ لغيره: وهو كل ما حرَّمه الشرع لوصفه دون أصله، وإنما جاءت الحرمة من أمر خارجيّ منفك عن ذات المال، كالمال المسروق، والمغصوب، والمختلَس من المال العام، والمال المكتسب من القِمار، ونحو ذلك.


• كيفية التخلص من المال الحرام:

-إن كان المال من القسم الأول (المحرم لذاته): وجب التخلص منه مطلقاً، فلا ينتفع به باقتناءٍ، ولا ببيع، ولا يُهديه، ولا يردُّه لمن أخذه منه، بل يُتْلِفُه.

-وإن كان من القسم الثاني (المحرم لغيره): فإما أن يكون:

أ- قد أخذه برضا مالكه -كالقِمار-: فيلزمه عند أكثر العلماء التخلص من هذا المال الحرام بالتصدق به على الفقراء والمساكين والمصالح العامة ونحوها، فإن تَصرَّف فيه بأي نوع من التصرفات فإنه يبقى ديناً في ذمته، يلزمه -متى قدر على ذلك- أن يتصدق به.

ب-أو بغير رضا مالكه -كالمال المسروق-: وما أخذ بغير رضا مالكه: فهذا المال يجب ردُّه إلى صاحبه، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك.


قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "فإن كان المقبوض قد أخذ بغير رضا صاحبه، ولا استوفى عِوضه ردَّه عليه، فإن تَعَذَّرَ ردُّه عليه، قضى به دَيْناً يعلمه عليه، فإن تَعَذَّرَ ذلك، ردَّه إلى ورثته، فإن تَعَذَّرَ ذلك، تصدق به عنه، فإن اختار صاحبُ الحق ثوابَه يوم القيامة، كان له، وإن أبى إلا أن يأخذ من حسنات القابض، استوفى منه نظيرَ مالِه، وكان ثوابُ الصدقة للمُتصدق بها" [زاد المعاد (5/690)].



• مسألة: حكم من أخذ مالاً حراماً جاهلاً أو متأولاً أو اعتماداً على فتوى غير صحيحة:

إن كان المال المأخوذ محرم لذاته وجب إتلافه ولا يجوز الانتفاع به، وإن كان المال المأخوذ بغير رضا مالكه، وجب عليه ردُّه لصاحبه كما تقدم في كلام ابن القيم.

أما إن كان المال قد أُخِذَ برضا مالكه، فقد قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام فله كُلُّ ما أَخَذَ وليس عليه شيء، أو أنه اغترَّ بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يُخرجْ شيئاً، وقد قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275]". ]اللقاء الشهري 67/19].

وجاء في جوابٍ للجنة الدائمة للإفتاء: "المدة التي جلستَها في البنك [الربوي] للعمل فيه: نرجو من الله أن يغفر إثمها عنك، وما جمعتَه من نقود وقبضتها بسبب العمل في البنك عن المدة الماضية: لا إثم عليك فيها، إذا كنت تجهل الحكم في ذلك". [فتاوى اللجنة الدائمة (15/46)].


• مسألة: حُكم مَن وَرِثَ مالاً حراماً:

إن كان المال الموروث محرماً لذاته وجب إتلافه ولا يجوز الانتفاع به، وإن كان المال الموروث قد أُخذ بغير رضا صاحبه، وجب ردُّه لصاحبه كما تقدم في كلام ابن القيم.

أما إن كان المال الموروث قد أُخِذَ برضا صاحبه، فالراجح من قولي العلماء أنه حلالٌ للوارِث، والإثمُ فيه على الـمُوَرِّث، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "قال بعض العلماء: ما كان محرماً لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرماً لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي". [القول المفيد على كتاب التوحيد 3 / 112[.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق