الاثنين، 15 يوليو 2019

اذكروا صاحبَ الرغيف!

اذكروا صاحبَ الرغيف!







عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أبي موسى الأشعري قَالَ: "لَمَّا حَضَرَ أَبَا مُوسَى رضي الله عنه الْوَفَاةُ، قَالَ: "يَا بَنِي اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ! قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ[1] أَرَاهُ قَالَ: سَبْعِينَ سَنَةً، لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي يَوْمِ أَحَدٍ، قَالَ: فَنَزَلَ فِي يَوْمِ أَحَدٍ، فشَبَّ[2] الشَّيْطَانُ فِي عَيْنِهِ امْرَأَةً، فَكَانَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَ لَيَالٍ!

قَالَ: ثُمَّ كُشِفَ عَنِ الرَّجُلِ غِطَاؤُهُ فَخَرَجَ تَائِبًا، فَكَانَ كُلَّمَا خَطَا خُطْوَةً صَلَّى وَسَجَدَ، قَالَ: فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى مَكَانٍ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ مِسْكِينًا، فَأَدْرَكَ الْإِعْيَاءَ، فَرَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ.

وَكَانَ ثَمَّ رَاهِبٌ[3] يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ كُلَّ لَيْلَةٍ بِأَرْغِفَةٍ[4]، فَيُعْطِي كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، فَجَاءَ صَاحِبُ الرَّغِيفِ فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ رَغِيفًا، وَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي خَرَجَ تَائِبًا، فَظَنَّ أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَأَعْطَاهُ رَغِيفًا.

فَقَالَ الْمَتْرُوكُ لِصَاحِبِ الرَّغِيفِ: مَا لَكَ، لَمْ تُعْطِنِي رَغِيفِي، مَا كَانَ إليَّ عَنْهُ غِنًى، قَالَ: تُرَانِي أُمْسِكُهُ عَنْكَ، سَلْ هَلْ أَعْطَيْتُ أَحَدًا مِنْكُمْ رَغِيفَيْنِ، قَالُوا: لَا! قَالَ: إِنِّي أَمْسِكُ عَنْكَ وَاللَّهِ لَا أُعْطِيكَ شَيْئًا اللَّيْلَةَ!

قَالَ: فَعَمَدَ التَّائِبُ إِلَى الرَّغِيفِ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُرِكَ فَأَصْبَحَ التَّائِبُ مَيِّتًا!!

قَالَ: فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةً بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي فَلَمْ تَزِنْ، قَالَ: فَوُزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي، قَالَ: فَرَجَحَ الرَّغِيفُ!

فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا بَنِيَّ اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ". رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (كتاب ذكر رحمة الله 18/535).

* * *

الفوائد:

1-(في جلوس أبي بردة عند أبيه) يُسن عيادة المريض لا سيما إن كان قريباً وشارف على الموت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ" قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا». رواه مسلم، وقال أيضاً: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ". رواه الترمذي وحسنه الألباني.

2-(في قول أبي موسى: يَا بَنِي اذْكُرُوا صَاحِبَ الرَّغِيفِ) نستفيد أنه ينبغي على الإنسان أن يوصي أقرب الناس إليه، والوصية بتقوى الله أجلُّ الوصايا، وهي وصية الله للأولين والآخرين:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}.

3-وفيه: أن مجالسة العلماء وأهل الصلاح والقرب منهم تعود عليك بالنفع الكبير شعرتَ أم لم تشعر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ والسَّوءِ، كحاملِ المسكِ ونافخِ الكيرِ[5]، فحاملُ المسكِ: إمَّا أن يُحذِيَكَ، وإمَّا أن تبتاعَ منهُ، وإمَّا أن تجدَ منهُ ريحًا طيِّبةً، ونافخُ الكيرِ: إمَّا أن يحرِقَ ثيابَكَ، وإمَّا أن تجدَ ريحًا خبيثةً" رواه البخاري.

4-وفيه: أن الإنسان يُحسن الظن بربه عن دنو أجله؛ لأن أبا موسى ذكر قصة تدل على رحمة الله، فيريد أن يهون على نفسه ويذكر غيره، ويمتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال جابر: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قبل موتِه بثلاثةِ أيامٍ، يقول: "لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ" رواه مسلم، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا عندَ ظنِّ عبدي بي إنْ ظنَّ خيرًا فله وإن ظنَّ شرًّا فلَه" صححه الألباني.

5-في قوله: (كَانَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ): العبادة في الرجال أكثر من النساء؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعٌ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسْيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ"[6]. وقال أيضاً: "يا معشرَ النِّساءِ! تصدَّقْن وأَكْثِرْن الاستغفارَ فإني رأيتُكنَّ أكثرَ أهلِ النارِ" فقالت امرأةٌ: وما لنا يا رسولَ اللهِ أكثرُ أهل ِالنارِ؟! قال: "تُكْثِرْن َالَّلعْنَ وتَكْفُرْنَ العشيرَ" متفق عليه.

6-قوله (يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ): كان أهل الكتاب قبلنا لا يصلون إلا في الأماكن المخصصة للعبادة، وأما الصلاة في كل مكان وأرض –بشرط طهارتها-فمن خصائص أمتنا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُعطيتُ خمسًا، لم يُعطَهنَّ أحدٌ قَبلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ، وأُحِلَّتْ لي المغانمُ ولم تَحِلَّ لأحدٍ قَبلي، وأُعطيتُ الشفاعةَ، وكان النبيُّ يُبعَثُ إلى قومِه خاصةً، وبُعِثتُ إلى الناسِ عامةً" متفق عليه.

7-قوله: (يتعبد سَبْعِينَ سَنَةً): وهذا المطلوب من الإنسان كما قال الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} والعبادة ليست في الصلاة فقط! بل حتى المباحات تكون عبادات بالنية الصالحة، فالإنفاق على العيال وعيادة المرضى وصلة الأرحام والإصلاح بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى النوم والأكل ... كلها عبادات.

8-قوله: (لَا يَنْزِلُ إِلَّا فِي يَوْمِ أَحَدٍ) وهو يوم تعظمه النصارى على ضلال! كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أضلَّ اللهُ عن الجمعةِ مَن كان قبلَنا؛ فكان لليهودِ يومُ السَّبتِ، وكان للنَّصارَى يومُ الأحدِ، فجاء اللهُ بنا فهدانا اللهُ ليومِ الجمعةِ، فجعل الجمعةَ والسَّبتَ والأحدَ، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامةِ، نحن الآخِرون من أهل الدُّنيا والأوَّلون يومَ القيامةِ المقضيُّ لهم قبل الخلائقِ" رواه مسلم.

وانقطاع هذا الرجل على العبادة من الرهبانية المنهي عنها في ديننا، كما قال الله عنهم {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} أي: ابتدعتها أمة النصارى {ما كتبناها عليهم} أي: ما شرعناها لهم، وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم، وقوله: {إلا ابتغاء رضوان الله} أي: ما كتبنا عليهم ذلك إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله، قوله: {فما رعوها حق رعايتها} أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام. وهذا ذم لهم من وجهين، أحدهما: في الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله، عز وجل[7].

في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر، قال أحدُهم: أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ، وقال آخَرُ: أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساءَ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني)". رواه البخاري.

9-قوله: (فَنَزَلَ فِي يَوْمِ أَحَدٍ، فشَبَّ الشَّيْطَانُ فِي عَيْنِهِ امْرَأَةً): شُبَّ لَهُ الشَّيْءُ: أي: أُتِيحَ لَهُ، قُدِّرَ لَهُ، أي: أوقع الشيطانُ بصر العابدِ على امرأة!

خطورة إطلاق البصر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كتب على ابنِ آدمَ حظُّه من الزنا فهو مدركٌ ذلك لا محالةَ، فالعينانِ تزنيانِ وزناهما النظرُ، والأذنانِ تزنيانِ وزناهما السمعُ، واليدان تزنيان وزناهُما البطشُ، والرِّجلانِ تزنيانِ وزناهُما المشيُ، والقلبُ يتمنى ويشتهي، والفرجُ يصدقُ ذلك أو يكذبُه" صحيح.

وعن جرير بن عبد الله قال: سألتُ رسولَ اللَّهِ عن نظَرِ الفُجاءةِ فقال: "اصرِفْ بصرَكَ" يَعني: لا تُعاوِدِ النَّظرَ مرَّةً ثانيةً. صححه الألباني، فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس!

وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا        لِقلبكَ يَوْماً أتْعَبَتْكَ المنَاظِرُ

رَأَيْتَ الَّذِى لا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ          عَلَيْه وَلا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابرُ

خطورة النساء: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الدنيا، واتقوا النساءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فتنةِ بني إسرائيلَ كانت في النساءِ" صححه الألباني، لأن الرجل أضعف ما يكون عند النساء، لا سيما إذا كانت فاجرة وتُحسن التصنع والتكسر وتُميل الرجل إليها، قال تعالى: {وخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا} أَيْ: فِي أَمْرِ النِّسَاءِ، قَالَ وَكِيعٌ: يَذْهَبُ عَقْلُهُ عِنْدَهُنَّ[8].

10-قوله: (فَكَانَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَ لَيَالٍ): أي: معها في السِّر في الزنا والعياذ بالله، والإنسان قد ينشب في الشهوة ولا يتخلص منها بسهولة؛ لأن أسبوع في قضاء وطر على عابد كثير، فكيف استمر على الفترة؟!

وهنا ينبغي عليك أن تحذر من حديث مخيف جداً؛ وهو حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأعلَمَنَّ أقوامًا من أمَّتي يأتون يومَ القيامةِ بأعمالٍ أمثالِ جبالِ تِهامةَ بيضاءَ فيجعلُها هباءً منثورًا" قال ثوبانُ: يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا جَلِّهم لنا لا نكونُ منهم ونحن لا نعلمُ! قال: "أما إنَّهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم ويأخذون من اللَّيلِ كما تأخذون، ولكنَّهم قومٌ إذا خلَوْا بمحارمِ اللهِ انتهكوها" صحيح ابن ماجه.

11-قوله: (ثُمَّ كُشِفَ عَنِ الرَّجُلِ غِطَاؤُهُ) يعني كانت الشهوة غطاء عن الحقيقة، فلما زال هذا الغطاء أبصر مصيبته، لذلك الشهوات والشبهات تكون حجاباً عن الحق، فاستعيذوا بالله منها.

12-قول: (فَخَرَجَ تَائِبًا): لا مفر لك يا ابن آدم من العذاب إلا التوبة، والله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، أو تطلع الشمس من مغربها، بشرط: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة.

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}

وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

وفي الحديث القدسي: " يا ابن آدمَ لو بلغَتْ ذنوبكَ عَنَانَ السماءِ ثم استغفرتَنِي غفرتُ لكَ ولا أبالي".

13-قوله: (فَعَمَدَ التَّائِبُ إِلَى الرَّغِيفِ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُرِكَ فَأَصْبَحَ التَّائِبُ مَيِّتًا): وهذا معنى الحديث المشهور: "وإنَّ الرجلَ ليَعمَلُ بعملِ أهلِ النارِ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيَسبِقُ عليه الكتابُ فيَعمَلُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيَدخُلُها".

14-قول: (فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةً بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي فَلَمْ تَزِنْ، قَالَ: فَوُزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي، قَالَ: فَرَجَحَ الرَّغِيفُ): فَوُزِنَتِ: كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}

(فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةً بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي فَلَمْ تَزِنْ): أي: ليالي المعصية أثقل من سنين الطاعات، لأن المعصية من العالم ليست كالمعصية من الجاهل!

أنسيت أن الله أخرج آداماً   منها إلى الدنيا بذنب واحد!

وكثير من الناس –والعياذ بالله- استمرأ المعصية حتى لا يعير لها اهتماماً كثيراً!

قال أنس: إنكم لتعملون أعمالًا، هي أدقُّ في أعينِكم منَ الشعرِ، إن كنا لنعدُّها على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من الموبقاتِ. رواه البخاري.

(فَوُزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ اللَّيَالِي، قَالَ: فَرَجَحَ الرَّغِيفُ): نتعلم من هذا أن العمل الصالح الصغير قد يُنجيك من الموبقات، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئًا، ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِقٍ" رواه مسلم.





[1] الصومعة: بيت العبادة عند النَّصارى.

[2] شُبَّ لَهُ الشَّيْءُ : أُتِيحَ لَهُ ، قُدِّرَ لَهُ

[3] الرّاهِبُ: المتعبد في صَومعة من النصارى يتخلى عن أشغال الدنيا وملاذّها، زاهدًا فيها معتزلا أهلها.

[4] الرَّغِيفُ: قطعةٌ من العجين تُهيَّأُ وتُخبَزُ.

[5] جلدٌ غليظ ينفخ فيه الحدّاد على الحديد في وقت الصهر والتشكيل، وهذا الكير يقوم بطرد الشوائب من الحديد عند النفخ، وقد يعترض الشخص الجالس عند الحدّاد الذي ينفخ الكير أن يُصيبه بعض الشرار التي تحرق لهُ ثوبه أو قد تؤذيه ريح الخبث من الحديد والكير.

[6] كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين (ص: 57)، وأصله في الصحيحين.

[7] تفسير ابن كثير ت سلامة (8/ 29)


[8] تفسير ابن كثير ت سلامة (2/ 267)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق