الثلاثاء، 1 فبراير 2022

فلهو عندي أحسن من القمر

فلهو عندي أحسن من القمر

 
 

عن جابر بن سمرة قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في لَيْلَةٍ إِضْحِيَانٍ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى ‌الْقَمَرِ، فَلَهُوَ عِنْدِي أَحْسَنُ مِنَ ‌القمر»[1].

غريب الحديث:

ليلة إِضْحِيَانٍ[2]: ليلةٌ مُقْمِرَةٌ مضيئة، من أولها إلى آخرها.

حُلَّةٌ حمراء: إزار ورداء، ولا تسمى ‌حُلَّة حتى تكون من ثوبين[3].

المعنى الإجمالي:

يخبرنا الصحابي الجليل جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في وقتٍ بدا فيه القمر في أجمل صورة، وهو مكتمل مضيءٌ ليس دونه غيم أو قتر، ورأى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وعليه إزار ورداء أحمرينِ، فقارن بين جمال النبي صلى الله عليه وسلم جمال القمر، فإذا بالنبي عليه الصلاة والسلام -بأبي هو وأمي- أجمل من القمر.

المسائل:

حكم لبس اللون الأحمر للرجال:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال عديدة، بسبب تعارض الأحاديث الواردة ظاهراً، فمنهم مَن أجاز لبس الأحمر للرجال مطلقا، ومنهم مَن منعه مطلقا، ومنهم مَن حمل النهي على الكراهة، ومنهم مَن قيد النهي بالزينة ولباس الشهرة.

وأرجح هذه الأقوال -والله أعلم- ما قاله ابن القيم -رحمه الله- حول الأحاديث التي تذكر لبس النبي صلى الله عليه وسلم للأحمر، فقال: "وغلِط من ظنَّ أنها كانت حمراء بحتًا لا يخالطها غيرها، وإنما الحُلَّة الحمراء: ‌بردان ‌يمانيان منسوجان بخطوط حُمْر مع الأسود، كسائر البرود اليمنية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحُمْر، وإلا فالأحمر البحت منهيٌّ عنه أشدَّ النهي"[4].

الفوائد:

من المتفق عليه أن نبي الله يوسف عليه السلام قد أُعطي شطر الحسن، فهو أجمل البشر، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "أوتي شطر الحسن"، لكن مَن الأجمل يوسف أم محمد صلوات الله سلامه عليهما؟

فذهب بعض أهل العلم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أجمل من يوسف عليه السلام، قال ابن القيم رحمه الله: "قالت طائفة: المراد منه أن يوسف أوتِيَ شَطْر الحسن الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بلغ الغاية في الحُسْن، ويوسُف بلغ شطْرَ تلك الغاية، قالوا: ويحقق ذلك ما رواه الترمذي من حديث قَتَادَةَ عن أنس قال: "ما بَعَثَ اللهُ نبِيًّا إلا حَسَنَ الوَجْهِ، حَسَنَ الصَّوْتِ، وكان نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أحْسَنَهُمْ وَجْهًا، وأحْسَنَهُمْ صَوْتًا"[5]، ... وحديث أنس هذا يدلُّ على أن النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم  كان أحسنَ الأنبياء وجهًا وأحسنَهم صوتًا ... ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد شارك يوسُفَ فيما اختصَّ به من الشطر، وزاد عليه بحسنٍ آخر من الشَّطر الثاني"[6].

ورجح ابن تيمية القول الآخر، فقال: "ويوسف الصديق، وإن كان أجمل من غيره من الأنبياء، وفي الصحيح "أنه أعطي شطر الحسن"، فلم يكن بذلك أفضل من غيره، بل غيره أفضل منه، كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين"[7].



[1] أخرجه الترمذي في كتاب أدب الحديث رقم 2812، وصححه الألباني في مختصر الشمائل (8).

[2] بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْحَاءِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ.

[3] [مختار الصحاح (ص79)]

[4] [زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (1/ 134)] وأطال الكلام، فراجعه إن شئت.

[5] الحديث ضعيف جدا؛ فيه حسام بن مصك متروك الحديث.

[6] [بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (3/ 1167)]

[7] "منهاج السنة النبوية" (5/318)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق