السبت، 22 يناير 2022

شرح البيقونية (18) المنقطع

 

المنقطع

 قال البيقوني -رحمه الله-:

17 - وكلُّ مَا لْم يَتَّصِلْ بِحَال ... ٍإسْنَادُهُ "مُنْقَطِعُ" الأوْصالِ

المنقطع لغةً: اسم فاعل من "الانقطاع" وهو ضد الاتصال، يقال بينهم رحم قطعاء؛ إذا لم توصل.

ومعناه في الاصطلاح: ما سقط من سنده راو واحد قَبل الصحابي، أو عدة رواة في أماكن متفرقة[1].

وقال بعضهم هو: ما لم يتصل إسناده، على أي وجه كان انقطاعه.

يعني: أن كل إسناد انقطع من أي مكان كان؛ سواء كان الانقطاع من أول الإسناد، أو من آخره، أو من وسطه، فيدخل فيه -على هذا- المرسل والمعلق والمعضل، وهذا على استعمالات المتقدمين[2].

لكن علماء المصطلح المتأخرين خصوا ‌المنقطع بما لم تنطبق عليه صورة المرسل، أو المعلق، أو المعضل[3].

كذلك يسمى الإسناد منقطعاً، حتى لو انقطع في أكثر من موضع -كما تقدم- بشرط ألا يكون على التوالي حتى لا يصدق عليه اسم المعضل.

مثال المنقطع في موضع واحد:

حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- "أَلَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَقُولُ فِيهِنَّ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ؟ " ‌تَمَّ ‌نُورُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ ..." الحديث.

أخرجه أبو يعلى[4]، قال: حدّثنا عبد الأعلى بن حمادٍ النرسي، حدّثنا بشر بن منصورٍ السليمي، عن الخليل بن مرة، عن الفرات بن سلمان، قال: قال عليٌّ .. الحديث.

هذا الحديث فيه انقطاعٌ ما بين الصحابي والراوي عنه، قال الهيثمي: "والفرات لم يدرك علياً"[5].

مثال المنقطع في موضعين:

ما رواه عبد الرازق، قال: ذكر * الثوري * عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌إِنْ ‌وَلَّيْتُمُوهَا ‌أَبَا ‌بَكْرٍ ‌فَقَوِيُّ أَمِينٌ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَإِنْ وَلَّيْتُمُوهَا عَلِيًّا فَهَادٍ مَهْدِيُّ يُقِيمُكُمْ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ»[6].

قال الحاكم: وهذا الإسناد فيه انقطاع في موضعين؛ فإن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري، والثوري لم يسمعه من أبي إسحاق.

لأن الذي حدَّث عبدَ الرزاق عن سفيان الثوري هو شيخُه النعمانُ بنُ أبي شيبة الجندي، والذي حدَّث سفيانَ الثوري عن أبي إسحاق هو شيخُه شريكٌ.

قال الحاكم: "وكل مَن تأمل ما ذكرناه من المنقطع عَلِمَ وتيقن أن هذا العلم من الدقيق الذي لا يستدركه إلا الموفَق، والطالبُ المتعلم"[7].

حكم الحديث المنقطع:

المنقطع ضعيف بإجماع العلماء لفقده شرطا من شروط القبول، وهو اتصال السند، وللجهل بحال الراوي المحذوف.

تنبيه:

أطلق بعض العلماء كالشافعي والطبراني لفظ "المقطوع"[8] وأرادوا به "المنقطع"، وهو اصطلاح غير مشهور.

من مظان وجود الحديث المنقطع:

قال السيوطي: "من ‌مظان ‌المعضل، ‌والمنقطع، والمرسل، كتاب " السنن " لسعيد بن منصور، ومؤلفات ابن أبي الدنيا"[9].



[1] المقصود بالمنقطع عند أهل العلم على أربعة أقوال:

الأول: هو السند الذي فيه انقطاع في أي موضع كان من السند، بواحد أو أكثر لا على التوالي، وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عن الصحابي، وهو قول الخطيب وابن عبدالبر وغيرهما.

الثاني: أنه عن التابعي قوله أو مَن دونه، أي من مباحث المتن لا الإسناد، وهو قول البرديجي، قال ابن الصلاح: "وهذا غريب بعيد".

الثالث: ما سقط منه راو قبل الصحابي، وهذا القول هو المشهور الذي جزم به العراقي وابن حجر.

الرابع: ما قال فيه الشخص: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غير إسناد، وهو قول أبي الحسن ألكيا الهراسي.

انظر: "معرفة علوم الحديث ص 180 " "الكفاية ص 31 " "التمهيد 1/ 23 " "علوم الحديث ص 57 " "التقييد والإيضاح ص 64 " "النكت 2/ 56 " تدريب الراوي 1/ 235 "

[2] وهذا الاستعمال الغالب عند المتقدمين.

[3] وهي: حذف أول الإسناد، أو حذف آخره، أو حذف اثنين متواليين من أي مكان كان، وهذا هو الذي مشى عليه الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها.

[4] [مسند أبي يعلى - ت السناري (1/ 423)]

[5] [مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (10/ 158)]

[6] أخرجه الحاكم في علوم الحديث ص28

[7] [معرفة علوم الحديث للحاكم (ص28)]

[8] والمقطوع: وجمعه المقاطع، والمقاطيع، هو ما أُضيف للتابعي من قوله أو فعله، ومن دونه من أتباع التابعين.

[9] [تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (1/ 244)]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق