الجمعة، 15 مايو 2020

أصحاب الجنة

أصحابُ الجَنَّة



قال ابن عباس: (كان بستان باليمن يقال له الضِّرْوَانُ دُون صنعاء بفرسخين، يطؤه أهل الطريق، كان غرسه قوم من أهل الصلاة، وكان لرجل فمات فورثه ثلاثة بنين له، وكان يكون للمساكين إذا صَرَمُوا نخلهم كل شيء تَعَدَّاهُ الْمِنْجَلُ فلم يجزه وإذا طرح من فوق النخل إلى البساط فكل شيء يسقط على البساط فهو أيضا للمساكين، وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوه كان لهم كل شيء ينتثر أيضا فلما مات الأب وورثه هؤلاء الإخوة عن أبيهم فقالوا: "والله إن المال لقليل، وإن العيال لكثير وإنما كان هذا الأمر يفعل إذ كان المال كثيرا والعيال قليلا فأما إذا قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل هذا"، فتحالفوا بينهم يوما لَيَغْدُوُنَّ غَدوة قبل خروج الناس فليصرمن نخلهم ولم يستثنوا يقول: لم يقولوا إن شاء الله فغدا القوم بِسُدْفَةٍ من الليل إلى جنتهم ليصرموها قبل أن يخرج المساكين، فرأوها مُسَوَّدَةً وقد طاف عليها من الليل طائف من العذاب فأحرقها فأصبحت كالصريم).
{فلما رأوها قالوا إنا لضالون} أي لما رأوا الجنة محترقة قالوا: إنا لمخطئون الطريق، أضللنا مكان جنَّتنا ليست هذه بجنتنا، فقال بعضهم: {بل نحن محرومون} حرمنا خيرها ونفعها بمنعنا المساكين وتركنا الاستثناء.
{قال أوسطهم} أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم: {ألم أقل لكم لولا تسبحون} هلا تسبحون الله وتقولون: سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم. وقيل: هلا تستغفرونه من فعلكم.
{قالوا سبحان ربنا} نزهوه عن أن يكون ظالما فيما فعل وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا: {إنا كنا ظالمين} بمنعنا المساكين.
{فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون} يلوم بعضهم بعضا في منع المساكين حقوقهم، ونادوا على أنفسهم بالويل: {قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين} في منعنا حق الفقراء.
ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا: {عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون
قال عبد الله بن مسعود: بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الْحَيَوَانُ فيها عنب يحمل البَغْلُ منه عُنْقُودًا واحداً.[1]


[1] تفسير البغوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق