الاثنين، 16 سبتمبر 2019

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ


إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ

• قال الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة 40].
تفسيرها:
أَيْ: إن لم تَنْصُرُوا رَسُولَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ وَكَافِيهِ وَحَافِظُهُ، كَمَا تَوَلَّى نَصْرَهُ {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} وذلك في حديث الهجرة المشهور[1].
واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم منصورٌ من الله حياً وميتاً، وإنَّ نصرتك له إنما هي شرفٌ لك، وخذلانك له إنما هو خذلان لك، فالمنتفع الأول والأخير إنما هو أنت، لأن الله عز وجل تكفل بنصره.
قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمهِ           إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ
وشـــقّ لـــهُ مــنِ اسمـــهِ لِـــيُـــجِـــلَّـهُ           فذو العـرشِ محمودٌ، وهـذا محـمـدُ

• صور من نصرة الله لرسوله عليه الصلاة والسلام:
1-  كفاه مَن استهزأ به، قال تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} كان المستهزئون خمسة، وروي أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَامَ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ ابْنُ الْمُطَّلِبِ فَرَمَى فِي وَجْهِهِ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ، فَعَمِيَ، وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأَشَارَ إِلَى بَطْنِهِ، فَاسْتَسْقَى بَطْنَهُ[2]، فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنَا[3]، وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَأَشَارَ إِلَى أَثَرِ جُرح بِأَسْفَلِ كَعْبِ رِجْلِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَانْتَقَضَ بِهِ[4] فَقَتَلَهُ. وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَشَارَ إِلَى أَخْمَصِ قَدَمِهِ[5]، فَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ، فَرَبَضَ عَلَى شِبْرِقَةٍ[6] فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِ رِجْلِهِ مِنْهَا شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ. وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ، فَأَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ، فَامْتَخَطَ[7] قَيْحًا[8]، فَقَتَلَهُ!
2-  وقال الله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أَيْ: إِنَّ مُبْغِضَكَ -يَا مُحَمَّدُ-وَمُبْغِضَ مَا جِئْتَ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْحَقِّ وَالْبُرْهَانِ السَّاطِعِ وَالنُّورِ الْمُبِينِ، هُوَ الْأَبْتَرُ الْأَقَلُّ الْأَذَلُّ الْمُنْقَطِعُ ذكْرُه، كَانُوا إِذَا مَاتَ ذكورُ الرَّجُلِ قَالُوا: بُتر.
قيل: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وكَانَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ إِذَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: دَعُوهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، فَإِذَا هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ.
قال ابن كثير: وَهَذَا يَعُمُّ جميعَ مَنِ اتصفَ بِذَلِكَ.

• كيف ننصر النبي صلى الله عليه وسلم:
1-  اتباع سنته ظاهراً وباطناً.
2-  استشعار محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب بتذكر كريم صفته الخَلقية والخُلقية، وقراءة شمائله وسجاياه الشريفة، وأنه قد اجتمع فيه الكمال البشري في صورته وفي أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
3-  استحضار عظيم فضله وإحسانه صلى الله عليه وسلم على كل واحد منا، إذ أنه هو الذي بلغنا دين الله تعالى أحسن بلاغ وأتمه وأكمله.
4-  الحرص على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، وبعد الآذان، وفي يوم الجمعة، وفي كل وقت، لعظيم الأجر المترتب على ذلك، ولعظيم حقه صلى الله عليه وسلم علينا.
5-  بغض أي منتقد للنبي صلى الله عليه وسلم أو سنته.
6-  تربية الأبناء على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به.
7-  عقد المحاضرات التي تغطي جوانب من حياة الرسول شخصيته صلى الله عليه وسلم.
8-  بيان مواقفه صلى الله عليه وسلم مع أهله وجيرانه وأصحابه رضوان الله عليهم.
9-  بيان كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين.
10-        دحض وتفنيد الشبهات والأباطيل التي تثار حول الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته.
11-        عدم نشر أي موضوع ينتقص فيها من سنته صلى الله عليه وسلم.
12-        التصدي للإعلام الغربي واليهودي المضاد والرد على ما يثيرونه من شبهات وأباطيل عن ديننا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
13-        استغلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والشبكة العنكبوتية في نصرته.
14-        تخصيص صناديق تبرع لتمويل حملات نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم.



[1] تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 155)
[2] اجتمع في جوفه سائل لا يكاد يبرأ منه.
[3] الحَبَنُ: داء في البَطْن يَعظُم منه ويَرِمُ.
[4] اِنْتَقَضَ الجُرْحُ بَعْدَ الشِّفاءِ: عَاوَدَهُ الْمَرَضُ.
[5] أخمص القَدَم : الجانب السفليّ من القدم.
[6] نبات برِّيّ.
[7] أخْرَجَ الْمُخَاطَ مِنْ أنْفِهِ.
[8] إفراز أبيض خاثر ينشأ من التهاب الأنسجة بتأثير الجراثي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق